مصر تقول نعم للتغيير
من خلال قراءتي المكثفة لملف البرادعي وجدت انقساما رهيبا في صفوف الشارع المصري بين مؤيد ومعارض وليست هذه هي المشكلة ولكن المشكلة هي الأثر السلبي الناجم عن هذا الخلاف فأنصار البرادعي يرون فيه المخلص والمنقذ ولا تستبعد أن تجد من أنصاره من يظن أنه المهدي المنتظر وترى الجبهة الرافضة للبرادعي أنه لا يصلح ولن يُصلح وكلتا الجبهتين تدعم أرائها بأدلة ترى أنها هي الصواب وهي الحق الذي لا حق سواه وإلى هذا الحد ليس هناك ما يدعو للقلق ولكن ما يدعو للقلق ويثير المخاوف هو تسفيه كل رأي للرأي المخالف له حتى صرنا نرى الحزبية المقيتة التي تولد عنها انقساما كبيرا في صفوف الشباب المثقف الواعي الذي يفترض له أن يكون أكثر وعيا من ذلك فأنصار البرادعي يرون في مخالفيهم أنهم عملاء للسلطة وأبواق للحزب الحاكم وهم المسئولون عن إجهاض الحلم الديمقراطي الذي يبشر به البرادعي وعلى النقيض تماما يرى مخالفوه أن أنصاره غوغائيون لا يفهمون السياسة ولا يقرئون ما بين السطور ولا يعلمون المخطط الذي ينفذه البرادعي ، وأنا أرى أن نخرج أنفسنا من هذا الخندق ونفكر بعقلية محايدة ليست مع أو ضد البرادعي وأقول لأنصار البرادعي : مهلا لا تتعجلوا في مبايعة الرجل بهذا الشكل لأنه وبكل بساطة مازال يتكلم وسيظل يتكلم لأنه لن يستطيع أن ينفذ ما يعدنا به وبالتالي فإن بناء التصورات على القول عبث وخفة فإن كنتم ترون أن الدكتور البرادعي يملك مشروعا عظيما لنضهة الأمة فمبارك أيضا يملك ذلك المشروع ولعلنا جميعا نسمع خطابات مبارك ونقول ليس بعد هذا الكلام كلام ولكن المشكلة الحقيقة تكمن في أن الأقوال والقرارات تظل حبيسة الأدراج وهذا ما جعل النظام يفقد مصداقيته يعني أنه لم ينفذ ما وعد به فلم نأخذ منه إلا الكلام والبرادعي كذلك لم نأخذ منه حتى الآن إلا الكلام فهو الآن ومبارك سواء ليس بينهما فرق ولعل قائل يقول " مسكوه الحكم ونشوف " أقول إذن لابد أن " نشوف " أولا وحتى ذلك الحين يجب أن نتوقف عن التهليل له وألا نضخم تلك الهالة التي صُنعت حوله وينبغي أن تكون سعادتنا وفرحتنا مرهونة بتنفيذه لوعوده التي يطلقها ويبشر بها وليست لمجرد ترشيحه.
وأقول للجبهة الرافضة للبرادعي : اتركوا الرجل فإن وجوده سيحرك ولا شك الماء الراكد ، وجوده سيقلق النظام وهذا الحراك السياسي في صالحنا نحن في النهاية وهذا ما تحقق بالفعل فمنذ بضعة أيام قام جمال مبارك بزيارة لإحدى قرى الفيوم وعندما تكلم المسئولون بكلامهم المعسول الذي لا يحتوى إلا على عبارات الإنجاز والإصلاح والتقدم ومشتقاتهم قاطعهم قائلا أريد أن أسمع من الفلاحين ووجه كلامه للفلاحين قائلا " اتكلموا أنا جاي هنا عشان أسمعكم " وهذا الموقف انعكاس واضح للخوف الناتج عن ترشح البرادعي ، بكل المقاييس نحن المستفيدون .
وأخيرا أقول إن كان الاختلاف بسبب البرادعي سيحدث هذا الانشقاق وسيشتت وحدتنا ويعرقل مسيرتنا فلا حاجة لنا به لقد اتفقنا جميعا على رفض آل مبارك ، لقد اتفقنا جميعا على ضرورة التغيير لقد اتفقنا جميعا على ضرورة الإصلاح فلتجمعنا هذه القاعدة فليلتمس كل أخ لأخيه العذر فكلنا في مركب واحد لن ينجو فريق البرادعي إذا هلك الفريق الأخر والعكس بالعكس فإذا هلك فريق تبعه الأخر والهلاك في نظري مرهون بالخلاف فدعونا نتماسك ولا يستلزم هذا التماسك ألا نختلف ولكن علينا أن نتقبل الآخر بصدر رحب وأن نحسن الظن بمن خالفنا وأن يجمعنا على الأقل شعار " نعم للبرادعي مرشحا ".
تنبيه : موقفي الشخصي من البرادعي " نعم للبرادعي مرشحا لا للبرادعي رئيسا ".
Subscribe to:
Posts (Atom)