يالى قريتوا الجرايد كلة كلام مغشوش ومقعدين فى البتاعة بتوع وليها كروش يدوسوا زر البتاعة ينزل كلام مطروش حمضان فى حبر المطابع وكلنا عارفين
الحلم دة على حساب مين
بدوي» علي الربابة: ساعات أنام من غير عشا.. ساعات أهرب من الطابور وأشتري «عيش الكيس».. ساعات أقوم الصبح قلبي سعيد
كتب هبة حسنين ٢٣/٦/٢٠٠٨
بدوي جابر يعزف الربابة
عندما كان صغيراً يجوب الشوارع والأزقة إلي جوار والده متشبثاً بذيل جلبابه، لم يدرك أنه بعد سنوات سيمارس المهنة نفسها، ويقف مكان والده وإلي جواره طفله الصغير متشبثاً أيضاً بطرف جلبابه ويساعده في النداء: «رباااابة!».
هي مهنة بسيطة لم تتطلب من بدوي جابر توني الشهير بـ «حسين» إلا لوحات خشب وعلب عصير وصلصة فارغة وورق لحمة وجريد نخل وليف، ليصنع من كل ذلك ربابة ويبيعها في شوارع القاهرة وأحيائها الشعبية كلعب أطفال نظير ١٥٠ قرشاً لكل منها. لم يختر «حسين» أن يمارس المهنة نفسها، لأنها ليست حرفة تستحق أن يرثها عن والده، لكن القدر دفعه إليها لأنه لم يجد غيرها، فلم يحصل «حسين» علي أي مؤهل ولا يجيد القراءة والكتابة، لذلك فضّل أن يخفي نفسه في هذه المهنة: «أي حاجة والسلام... هو فيه حد لاقي شغل دلوقتي».
في التاسعة من صباح كل يوم يخرج «حسين» بصحبة ابنه «فارس ـ ٦ سنوات» من بيته الذي يقع في أبوالنمرس ـ المنيب في الجيزة، ولا يعود إلا مع حلول المغرب، بعد أن يجمع جنيهات قليلة ربما تكفيه لليوم الثاني: «ساعات أرجع بـ ١٠ جنيه يدوب تكفي العيال عشا بالعافية.. وما يفضلش منها حاجة للفطار.. بس أنا بسيب كل حاجة علي ربنا.. العبد في التفكير والرب في التدبير.. وما حدش بياخد أكتر من نصيبه».
رغم سنه الصغيرة التي لم تتجاوز ٢٤ عاما، فإن «حسين» لديه أربعة أبناء: محمد «٧ سنوات» ودنيا «٣ سنوات» وصباح «سنة»، بخلاف فارس الذي تطوع نيابة عن أخوته بمساعدة والده، رغم الصعوبات التي يراها في اللف ساعات طويلة تحت أشعة الشمس الحارقة: «أعمل إيه نفسي أريح عيالي بس ما باليد حيلة
ويا رب بكره أقدر أعوضهم عن اللي محرومين منه دلوقتي».
ويتمني «حسين» ألا يرث ابنه «فارس» هذه المهنة، لأنها رغم بساطتها فهي مرهقة، وأصعب ما فيها البيع في الشوارع، حيث يتطلب الأمر منه العزف علي الربابة، وأحياناً النداء ليلفت أنظار المارة خاصة الأطفال الذين يفرحون بالنغمات الموسيقية التي تصدر عنها. ورغم أنها كمهنة لا تمثل مصدر دخل يكفيه، فإن «حسين» متمسك بها لأنه لا يجد غيرها: «بدفع ١٥٠ جنيه إيجار شقة غرفتين وصالة، ولو ألاقي غيرها كنت أسيبها.. بس أعمل إيه.. عصفور في اليد ولا عشرة علي الشجرة.. أنا صحيح صغير في السن لكني شلت الهم بدري، ومقدر المسؤولية اللي أنا فيها».
مفارقة غريبة يضحك عليها «حسين»، وهي أن أكثر من ربع دخله الشهري ينفقه علي الخبز المغلف في أكياس ـ كما يصفه ـ لأن الوقوف في طابور «عيش الحكومة» معناه أنه لن يعمل: «لو وقفت في طابور العيش مش هاطلع علي شغلي لأني مش هاحصل علي عيش إلا العصر».
Subscribe to:
Posts (Atom)