٣ فبراير ٢٠٠6
العبارة السلام «٩٨» تستقر في قاع البحر الأحمر، وتبتلع مياهه
١٠٣4
«إنسانًا»، بينهم قرابة ٩٠٠ مصري.
أمس ٢٧ يوليو.. وبعد ٢٣ جلسة.. يأتي الحكم علي المتهمين.. «براءة».. بين «اليومين».. كان ممدوح إسماعيل رئيس شركة السلام للنقل البحري، علي «رأس الأحداث».. هو الرجل الذي لمع اسمه بعد أن غرقت عبارته وعلي متنها «١٤١٦» إنسانًا.. نجا منهم ٣٨٢ وغرق الباقون..
تأتي الأخبار تباعًا.. «ممدوح» صاحب الشركة من أثري أثرياء مصر.. ممدوح وولده عمر وآخرون تقاعسوا وتهاونوا وصمتوا فور علمهم بالغرق، هكذا قالت تحقيقات النيابة ولجنة تقصي الحقائق واللجنة الدولية، التي شكلها محمد منصور، وزير النقل.
في قلب المشهد وسخونته وألمه وقسوته ونيرانه كان «ممدوح» هنا في القاهرة.. محاولات من نواب ومطالبة من الإعلام برفع الحصانة عنه.. فهو السبب الرئيسي للحادث.. ويقف صفوت الشريف، رئيس مجلس الشوري، ويحيل طلب رفع الحصانة إلي اللجنة التشريعية،
ويتم «مط» الأمر.. بكرة.. بعده.. اجتماع.. واتنين.. وبعد أسبوعين من الحادث يخرج «إسماعيل» من القاهرة بهدوء.. هكذا يقف في «مطار القاهرة الدولي».. بحقائبه.. بملابسه الشيك»، في صالة «كبار الزوار»،
ويصعد: إلي الطائرة المغادرة إلي فرنسا.. هكذا في صمت و«غياب» أمني واختفاء ما يسمي في هذه الحالات «قرار المنع من السفر».. أو «الإدراج» علي قوائم الممنوعين من السفرا.. سافر الرجل إلي هناك دون إذن من مجلس الشوري وفقًا للائحة الخاصة به.
في «أربعين» غرق العبارة، وبعد هروب مالكها، يقرر مجلس الشوري برئاسة «الشريف»، رفع الحصانة عن إسماعيل.. وقال المجلس وقتها دون خجل: «حتي يتسني للنيابة العامة سؤاله والتحقيق معه في مسؤوليته عن الحادث».
بعدها بخمسة أيام كاملة، جاء «التحرك» الثاني: منع ممدوح إسماعيل مالك العبارة من السفر وإدراج اسمه علي قوائم ترقب الوصول.. صدر القرار وكان هو هناك، في فرنسا ومنها إلي بريطانيا «يرتع ويلعب» وينتظر أخبارًا.
«ممدوح» اختار واختاروا له «لندن» حيث لا اتفاقيات مع «لندن» علي إعادة وتسليم الهاربين.. لن يقترب منه أحد هناك.. لن يجرؤ أحد أن ينظر إليه ويقول له: إنت اغرقت خلق الله في البحر الأحمر.. هناك في لندن، حيث مواثيق مع الإنتربول تحمي الهاربين وتمنع الاقتراب والتصوير..
هناك في لندن، اختاروا له المكان: انتظر بعيدًا يا ممدوح وكل شيء سيكون علي ما يرام، اختاروا له مكانًا بعيدًا عن شاطئ بحر يلتهم الضحايا بلا رقيب.. اختاروا له مكانًا بعيدًا عن تحقيقات النيابة ولجان تقصي الحقائق، وبعيدًا عن مشرحة زينهم والجثث المجهولة وتحاليل الـ D.N.A مكانًا بعيدًا عن مقبرة مجهولة في قلب مدينة الغردقة، مكانًا بعيدًا عن صرخات وآلام ودموع أسر الضحايا.
٣٠٠ ألف جنيه هي «التسعير»ة «تسعيرة البني آدم» في مصر.. شقيقك أو زوجك أو ابنك أو والدك أو أمك أو طفلك أو جارك أو «حبك» يساوي ٣٠٠ ألف جنيه، من يعترض؟!
المعترض ينتظر في «الطابور»، أمام المحكمة، حتي يصدر الحكم وتبرد نيرانه! وانتظروا لكن اشتعلت نيرانهم بالأمس من جديد.
«ممدوح» خارج مصر ومعه ولده عمرو هناك، الدموع هنا لا تتوقف والأحزان تستمر و«اللعنات» تصب بقوة، وكلمة «حسبنا الله ونعم الوكيل».
